تأتي زيارة رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي،عضو مجلس الرئاسة، عيدروس الزبيدي، إلى روسيا في توقيت شديد الحساسية، تمر به المنطقة بشكل عام واليمن بشكل خاص، بعد أن تخطت الحرب الدائرة عامها الثامن في جو من الضبابية وعدم الوضوح.
ويرى مراقبون، أن تلك الزيارة تأتي كمحاولة من “الانتقالي” توسيع دائرة علاقاته الخارجية، بعد ما نجح في تثبيت أقدامه في الداخل، ووضع نفسه كحامل رئيس لقضية الجنوبيين، كما أن “الانتقالي” أدرك وفق التحركات والمبادرات الحالية أن قضيته قد يتم تأجيلها إلى ما بعد التسوية المرتقبة، باعتبارها شأن داخلي يمني، الأمر الذي أثار مخاوف الجنوبيون من تكرار سيناريوهات سابقة قادها الرئيس اليمني الراحل، علي عبد الله صالح، مشيرين إلى أن الزبيدي يريد وضع المجلس في حسابات الدول الكبرى التي قد تكون أحد رعاة التسوية وعلى رأسها روسيا. وفي يوم السبت الماضي، غادر عيدروس قاسم الزُبيدي، العاصمة الإماراتية أبو ظبي، متجها إلى موسكو على رأس وفد، في زيارة بدعوة من الحكومة الروسية.
وذكر موقع المجلس الانتقالي الجنوبي، أنه “من المنتظر أن يعقد الزُبيدي والوفد المرافق له، عدة لقاءات مع المسؤولين في جمهورية روسيا الاتحادية، للتباحث حول العديد من القضايا في اليمن والمنطقة عموما، وفي مقدمها الجهود الدولية المبذولة لإطلاق العملية السياسية لإنهاء الحرب وإحلال السلام الشامل، وضمان حلٍ عادل لقضية الجنوب”
مساحة أوسع وتعليقا على الزيارة، يقول الباحث والمحلل السياسي اليمني، دكتور عبد الستار الشميري، إن “تحركات رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عضو المجلس الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، و زيارته إلى روسيا، هي محاولة لإيجاد مساحة أوسع وبالتحديد العلاقات مع الخارج والقوى الكبرى”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “يحاول الإخوة في الجنوب وتحديدا في المجلس الانتقالي إيجاد مساحة أوسع لحل قضيتهم، لا سيما بعد تصريحات رئيس المجلس الرئاسي، رشاد العليمي، على أن القضية الجنوبية سيكون حلها بعد أن يتم تسوية الخلاف مع جماعة “أنصار الله” اليمنية”.
وتابع المحلل السياسي: “شعر المجلس الانتقالي والحاملين للقضية الجنوبية، كون المجلس الانتقالي يعد أحد الحَوامِل الأساسية لقضية الجنوب أو للجنوبيين، صحيح أنه ليس المعبر الوحيد، لكنه أصبح قوة شعبية على الأرض وله مناصرين يقومون بدعمه، الأمر الذي مكّنه بأن يكون هو الممثل الأقوى على أرض الواقع”.
دعم خارجي وأوضح الشميري أن “رئيس الانتقالي ومجلسه يحاولون النجاح خارجيا، كما نجحوا داخليا في تجميع شتات أجزاء كبيرة من الجنوب، حيث يشعرون أنهم في عزلة عن التغيرات الإقليمية والتحركات الدولية، وهم يطمحون إلى أبعد بكثير مما يُطرح على طاولة الحوار والنقاشات في ظل دولة واحدة فيدرالية أو كونفدرالية، هم يذهبون أحيانا إلى مطالبات بأبعد من ذلك، كنيل واستعادة الدولة والانفصال وهلم جر..ويشعرون أن هذا الأمر لن يكون حاضرا بشكل سهل، إلا في ظل دعم خارجي من دول كبرى ودول إقليمية أيضا”.
ولفت المحلل السياسي إلى أن “الانتقالي ومؤيديه يشعرون أن علاقتهم الخارجية لا زالت محدودة ومحصورة، لذا يحاولون كسر هذا الطوق بالانطلاق إلى روسيا وربما الصين وغيرها في الأسابيع القادمة”.
رئيس الانتقالي في المقابل، يقول القيادي في الحراك الجنوبي، رائد الجحافي: “تأتي زيارة الرئيس عيدروس الزبيدي إلى موسكو هذه المرة، بصفته رئيسا للمجلس الانتقالي الجنوبي، وليس بصفته الحكومية، المتمثلة بنائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “جاءت تلك الزيارة بعد تجاذبات قوية حدثت بين الزبيدي بصفته الجنوبية وبقية القوى السياسية اليمنية الأخرى في حوار الرياض، الذي انتهى بانحياز ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى القوى الأخرى، بسبب التأثير الكبير للإجماع الشمالي تحت مظلة الوحدة اليمنية، وبمداهنة من السفير السعودي، محمد آل جابر، الذي تربطه علاقة قوية بالجنرال علي محسن الأحمر”.
اللجنة الرباعية وتابع القيادي بالحراك: “كما نعرف أن العليمي وبقية أعضاء المجلس جرى اختيارهم وفق رغبات اللجنة الرباعية التي يقف خلفها علي محسن الأحمر، والتي تعمل بالتوافق مع سياسة ومصلحة الرياض، لهذا نجد كل خطوات مجلس القيادة الرئاسي ومراحل حوار الرياض والمراحل المستقبلية تسير وفق خطة ممنهجة لا يوجد في أدبياتها أي حيز لمطالب الجنوبيين، أو ما يطرحها، أو قد يتبناها المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي وجد نفسه مجرد سلم عبور لتلك القوى في مشاورات الرياض المعدة نتائجها سلفا، الأمر الذي دفع الرئيس الزبيدي للعودة والبحث عن أي شريك حقيقي مستقبلي لبناء علاقة معه ووجد في روسيا الحليف الاستراتيجي القوي الذي بإمكانه ترجيح الكفة لصالح الجنوبيين أمام جبروت دبلوماسية الرياض المعادية للجنوبيين”.
ترقب للنتائج وأشار الجحافي إلى أن “كل الجنوبيين ينتظرون ويترقبون ويتطلعون بكل شوق وأمل كبيرين إلى أن يخرج الرئيس الزبيدي بنتائج طيبة من موسكو، تعيد قبل كل شيء للجنوب وعلاقته الطيبة مع الصديق القديم “روسيا”.
ويشهد اليمن منذ 8 أعوام صراعا مستمرا على السلطة بين الحكومة المعترف بها دوليا وجماعة “أنصار الله” اليمنية، انعكست تداعياته على مختلف النواحي، إذ تسبب في أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم. حسب الأمم المتحدة.
وتسيطر “ميليشيات الحوثي” اليمنية، منذ سبتمبر/ أيلول 2014، على غالبية المحافظات بوسط وشمالي اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 مارس/ آذار 2015، عمليات عسكرية دعما للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
ووفق تقديرات أممية، فقد تسببت الحرب الدائرة في اليمن في مقتل وإصابة مئات الآلاف، وهجرة ونزوح الملايين، إلى جانب حاجة 80% من الشعب اليمني لمساعدات إنسانية.